العبث بالأنف.. تحريك الذقن القذف بالبيض والطماطم.. والتشبيه بالكلب.. نماذج متنوعة للتعبير عن الازدراء وإهانة الآخرين في مجتمعات وثقافات المختلفة، فلكل شعب طريقته الخاصة للازدراء.
لكن القذف بالحذاء، كما حدث للرئيس الأمريكي جورج بوش أثناء مؤتمر صحفي ببغداد الأحد الماضي، في الثقافات العربية عامة والعراقية خاصة من أشد وسائل الإهانة والازدراء؛ لاسيما إذا وجهت إلى ضيف.
وتعليقا على هذه الحادثة، أوردت صحيفة التايمز البريطانية في تقرير نشر الثلاثاء 16-12-20008، نماذج من الإهانات لدى شعوب العالم المختلفة، والتي تراوحت بين استخدام الأصابع، والأيدي إلى الاستعانة بالخضروات والأطعمة.
ففي اليابان، يعد العبث بالإصبع في الأنف من الإهانات التي يمكن أن توجه للأشخاص، أما في الصين فيعتبر من الوقاحة ترك عصي الطعام (أدوات الأكل في الصين) في وعاء الأرز؛ لأنها تشبه طقسا جنائزيًّا هناك.
أما في الفلبين، يمكن أن تعتقل إذا تلاعبت بأصابعك مقلدا حركة المشي فهذا يعني أنك توجه إشارة إلى أحد ما بأنه "كلب".
اختلاف واتفاق
وتشير الصحيفة إلى أن ما يعتبره مجتمع إهانة قد لا يمثل أي شيء لمجتمع آخر، فأوضاع القدم مثلا لا يراها الغربيون ذات دلالة معينة، فيما يراها سكان جنوب شرق آسيا نوعا من الوقاحة أن تجلس واضعا رجليك في وضع متقاطع أمام الآخرين.
وكاد رجل في إحدى المدن بشمال الهند أن يحاكم من قبل جماعة من البوذيين؛ لأنه وجه أخمص قدمه من غير قصد تجاه الدلاي لاما، الزعيم الروحي لإقليم الـ"تبت".
وفي معظم دول أوروبا وشمال إفريقيا، فإن إشارة رفع الإبهام لا تعني "نعم" أو "ممتاز" في كل الأحيان، ولكنها قد تعني في الحقيقة إشارة بذيئة، وفي معظم أنحاء العالم، من الوقاحة جدًا الإشارة بالأصابع في وجه الآخرين على حد قول الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن رفع الإصبع الوسطى مفهوم دلالتها "البذيئة" إلى حد ما على نطاق واسع في العالم، وفي الهند يعد تحريك الذقن بشكل معين إهانة بالغة.
وبينما تختلف الهند وباكستان سياسيا في معظم الأمور فإنهما يتفقان في أن فتح اليد، ووضع الأظافر بين الأسنان من أكثر الإهانات.
أما الإيطاليون فهم مولعون بما يسمى علامة الشيطان وتعني يد مقبوضة مع فرد الإصبعين الأول (السبابة) والآخر الصغير (الخنصر) وتعني الاعتراض بشدة.
وفي الغرب، تعود الأشخاص أن يعبروا عن سخطهم من الشخصيات العامة بأن يقذفوهم بالبيض الفاسد والطماطم.
اعرف من تهين
وترى الصحيفة أن محاولة توجيه إهانة معينة لشخص من مجتمع ما تحتاج من موجه الإهانة أن يعرف قليلاً عن أساليب توجيه الشتيمة أو الإهانة في ثقافة من يريد أن يوجه له هذه الإهانة قبل القيام بها؛ لأنه يمكن أن يوجه إهانة لشخص من ثقافة مختلفة قد لا يرى فيها أي إهانة.
وظهر ذلك جليا في رمي الرئيس الأمريكي بالحذاء حيث اتخذ الأمر بفكاهة وسخرية، كما كررت الصحف الغربية في تناولها للخبر أن توجيه الحذاء من خصوصيات الثقافة العراقية في إشارة منها إلى أنه لا يمثل إهانة في الثقافة الأمريكية.
وفي تصريحات لـ"إسلام أون لاين"، يقول الباحث في العادات والتقاليد الشعبية بجامعة القاهرة، خالد أبو الليل: "إن علامات الاحتقار أو الاستهجان تتعدد بتعدد الشعوب.. لكن توجد بعض الكلمات أو الأفعال أو الإشارات التي تمثل مشتركا إنسانيا.. ورفع الحذاء في وجه إنسان دليل على احتقاره مشترك بين كل الثقافات".
وأضاف: "كما أن هناك مشتركات إنسانية في علامات الاحتقار عند معظم الشعوب مثل الضرب بالحذاء أو التلويح به والبصق على الوجه.. وتحريك الإصبع الوسطى في اتجاه شخص أو جماعة، وتوجد خصوصيات لكل شعب في علامات أخرى من الاحتقار".
وأوضح أبو الليل أن "التايلانديين مثلا يعتبرون القدم الجزء الأوسخ من الجسم.. والرأس الجزء الأعلى والمحترم من الجسم.. وبالتالي فلا يجوز لمسه إطلاقا ويعتبر ذلك إهانة بالغة.. كما لا يجب الإشارة لأي شخص بالرجل؛ لأن ذلك يعتبر في منتهى الإهانة.. فيما لا يعتبر بعض الشعوب ذلك عيبا".
ولفت أبو الليل إلى أن نعت بوش بالكلب أي تشبيهه بحيوان "أمر يدل على الاحتقار في الثقافة العربية وحدها.. على عكس الثقافة الغربية التي قد لا تجد مشكلة في وصف شخص فيها بالكلب.. وبخاصة أن الارتباط بالحيوانات أمر شائع في هذه الثقافة".