* هذا ينطبق على الغربيين لكن هناك مترجمين مسلمين قدموا ترجمات للقرآن الى الانجليزية وهم بعيدون عن التحيز ضد الاسلام ماذا عن ترجماتهم؟
ـ هناك ترجمتان قدمتا للقرآن لاثنين من المسلمين، الاول هو عبد الله يوسف علي والاخر بيكثول وهو انجليزي اسلم وترجم القرآن في مطلع القرن العشرين، وكلا الترجمتين بذل فيهما مجهود خرافي ولكن بهما الكثير من السقطات التي ترجع الى عدم معرفتهما باللغة العربية وبلاغتها، فقد ترجم الاول وهو عبد الله يوسف علي القرآن، وهي ترجمة متداولة في العالم العربي حتى يومنا هذا، كما يترجم الشعر وقد اخطأ خطأ منهجيا عندما فعل ذلك، وقد جاءت الترجمة على النمط الذي اتبعه وليم شكسبير في مسرحياته من وزن «البنتاميتر» وقد اقتضت معالجة هذا الوزن من عبد الله يوسف ان يضيف ألفاظا زائدة أحدثت خللا في الكثير من المواضع، فضلا عن أنه وبيكثول ترجما القرآن باللغة الانجليزية القديمة.
* كيف عالجتما هذه الاخطاء في ترجمة القرآن التي قدمتماها اذن؟
ـ عالجنا كل ما وقعا فيه من اخطاء وقدمنا المعنى الواضح للكلمة والالفاظ القرآنية طبقا لسياق الآيات، ونحن لا تخفى علينا معانيها بوصفنا ابناء للغة العربية ومسلمين درسنا علوم الدين وحفظنا القرآن منذ نعومة اظفارنا، وقد جاءت الترجمة في لغة انجليزية معاصرة في نطاق منظور منهجي عام يلم بالفقه والشريعة الاسلامية واللغة العربية الماما ليس مخلا، ونحن على كل حال بصدد اصدار هذه الترجمة لتكون بين ايدي القراء الغربيين ليعرفوا الاسلام وما به من رحابة وتسامح بعيدا عن الارهاب الذي يسمونه به.
* اريد ان تعطياني مثلا على ما في الترجمة الجديدة من تصحيح لاتهامات الغرب للاسلام؟
ـ هناك مثل بسيط، الغرب يقول ان الاسلام انتشر بحد السيف وإنه دين قتال، واصبح الان في المصطلح الاميركي بعد 11 سبتمبر ارهابيا، وسوف اسوق لك اول آية نزلت في القتال في القرآن الكريم، وهي تقول «أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير»، والفعل يقاتلون هنا مبني للمجهول ويعني ان المسلمين لم يبدأوا القتال ولكن أعداءهم هم الذين بدأوهم به فأذن للمسلمين قتالهم دفاعا عن أنفسهم، وقد لاحظنا ان مترجمي القرآن يترجمون هذه الآية كما لو كانت تقول ان الذين يقاتلون بكسر التاء هم المسلمون وهذا ما لم تقصده الآية، وهذا مثل بسيط على التجاوزات في ترجمات القرآن التي انجزت باياد غريبة، وهناك غيره العشرات سوف نقوم بتصحيحها في الترجمة التي كدنا ننتهي منها، وسوف نخاطب بها المتخصصين من مترجمي القرآن.
* على أي أساس جاءت المادة التي اثبتموها إذن في الموسوعة؟
ـ منذ أكثر من 40 عاما ونحن نجمع مصادر هذه الموسوعة لدينا كثير مما كتب في الغرب عن الاسلام واليهودية والمسيحية وكتب التاريخ العام وكتب تاريخ الاديان، كما اننا نملك الكثير من الكتب التي قدمها المسلمون عن المعارف المختلفة ولدينا الكثير من كتب الفلسفة التي أعدها كتاب غربيون، بالاضافة الى الكثير من المصادر الخاصة بالكتب السماوية، فضلا عن الطبعات المختلفة لدوائر المعارف البريطانية، ويؤسفنا أن نقول انها تحتوي على الكثير من المغالطات والأخطاء الجسيمة بسبب عدم وجود محرر مسلم واحد بين محرريها، وهذا يظهر واضحا في دائرة المعارف الاسلامية التي تصدرها هولندا، وفي ما يتعلق بمعالجة الموضوع الواحد في موسوعتنا نحن نرجع الى الكتب المتعلقة به من ناحية ودوائر المعارف المختلفة من ناحية أخرى ونقوم باستخلاص ما يتفق مع المنهج الموضوعي المحايد.
* تحدثتما من قبل عن الحيدة والموضوعية اللتين التزمتما بهما في انجاز الموسوعة، كيف يستقيم ذلك مع الاختيار الذي يكمن في عملية الاستخلاص التي تتحدثان عنها؟
ـ في ما يتعلق بأي قضية نحن لا نختار، بمعنى أننا لا نفاضل بين طروحات مختلفة، لكننا نأتي بما يتعلق بها في الكتب المقدسة كالتوراة أو الأناجيل أو القرآن، فليس ثمة اختيار في ذلك ولكن الاختيار يتم في ما يخضع لأعمال المنطق العام ويتفق مع ما هو صحيح.
* مع هذه التجاوزات هل تعتقدان أن وجود دائرة معارف اسلامية بأيدي المسلمين ضرورة لتصحيح الأوضاع؟
ـ لا بد لنا نحن المسلمين من أن نهيئ دائرة المعارف الاسلامية الخاصة بنا، وسنورد لك مثلا ساذجا في ما يتعلق بأم دوائر المعارف في العالم وهي دائرة المعارف البريطانية، فإنك لو نظرت الى شخص جمال الدين الافغاني طبعة 1975، ستجد انه مفكر ومجاهد وداعية لعالمية الاسلام، وعندما تنظر الى الموضوع نفسه في الدائرة نفسها في طبعة 2004 تجد انه تحول الى مجرد عميل قذر للامبراطورية التركية ولحساب السلطان العثماني في القسطنطينية، وهناك مثل آخر موجود في دائرة المعارف نفسها في طبعة 1975 تجد انها في حديثها عن بعض خلفاء الامبراطورية العثمانية من أمثال محمد الفاتح تجد انه خليفة أو سلطان مسبوق بكلمة عظيم أما في طبعة 2004 تجد أن لفظة عظيم اختفت منها، وهذا يعني ان هناك تحولات ضد الاسلام لدى هؤلاء القوم جعلتهم يمحون ما نسبوه لخلفاء الدول الاسلامية بسبب من هذه التحولات ضد الدين الاسلامي وأبنائه.
* هل هناك مصادر أخرى اعتمدتما عليها خلاف الوثائق والكتب في انجاز موسوعتكما للأديان الثلاثة؟
ـ عندما كان نور الدين خليل يعمل مترجما في الأمم المتحدة في جنيف كانت لنا زيارات مستمرة ومنتظمة لأماكن الحضارات المختلفة، زرنا متحف اللوفر وبرج بيزا المائل والاثار الاسلامية في الاندلس وبعض الآثار اليونانية واخذنا منها الكثير في اطار هذه الموسوعة، كما شددنا الرحال الى أواسط آسيا لنرى مبلغ ما وصل اليه الاسلام في أرض ما وراء النهر، ثم زرنا قرية الامام البخاري «خرتين» التابعة لبخارى وطشقند وسمرقند وتتبعنا الآثار الاسلامية التي تنطق بعظمة الاسلام في هذه المناطق ولدينا نسخ مصورة من المصحف العثماني، التي يحتفظ بها المسلمون في المركز الاسلامي في طشقند، وقد جلعنا هذا لا نتعرض للاسلام كعامل يحض على المعرفة والعلم في نطاق ما هو انساني وحسب، وانما نتناول الحقيقة الكونية التي ينفرد بها دون غيره من الأديان، والتي تتمثل في أن الاسلام كعقيدة وشريعة ولغة يحرك في الانسان عبقريته بعامة في شتى الاتجاهات المرتبطة بمناحي الحياة المختلفة.