رحلته لأرض النار
استغرقت البعثة العلمية التي صحبها داروين لأرض النار خمس سنوات وذلك على متن السفينة "بيجل" في الفترة ما بين 1831- 1836م، استثمرها داروين في إجراء الأبحاث وتدوين المعلومات والنتائج التي يصل إليها، وكان أعضاء البعثة مكلفين بدراسة أجواء وتضاريس ارض بتاجونيا وأرض النار وشيلي وبيرو وعدد من جزر المحيط الهادي، بينما أختص داروين بدراسة النباتات والحيوانات في هذه المناطق، وبدأت المعلومات تتجمع في عقلية داروين شيئاً فشيئاً عن أصل الكائنات وتطورها، وهو الأمر الذي ساعده بعد ذلك على وضع نظريته الخاصة بالتطور.
وأثناء الرحلة عمل داروين على تحليل الأتربة التي حملها الهواء وكون من خلال النتائج فكرة عن أنواع الحيوانات والنباتات الموجودة بالمنطقة، كما عمل على دراسة حفريات الحيوانات بسهول " البمباس" وسعى لمحاولة التعرف على الفروق البسيطة بين الحيوانات من الأنواع المتقاربة، الأمر الذي وجه نظره نحو فكرة التغير التدريجي للأنواع، وكانت جميع التجارب والأبحاث التي قام بها داروين والنتائج التي توصل إليها والملاحظات التي سجلها خلال رحلته عامل أساسي في تكوين نظريته في النهاية.
عاد داروين من رحلته عام 1836م حاملاً معه ما قام بجمعه من أبحاث وملاحظات عمل على جمعها على مدار خمس سنوات، واستقر بعد ذلك في لندن ثم انتقل منها إلى كامبريدج فعمل على تجميع أبحاثه وترتيبها بالإضافة للمجموعات النباتية والحيوانية التي جمعها، وعمد إلى تأليف كتابه " رحلة إلى عالم طبيعي" عام 1839م .
نظرية " أصل الأنواع"
تولدت نظرية أصل الأنواع في فكر داروين بعد سلسلة الأبحاث والظواهر والمشاهدات التي سجلها على مدار سنوات عديدة، وقام بالربط بينها ليتضح من خلالها التسلسل التدريجي والعلاقات المختلفة بين أنواع الكائنات، ظهر كتاب " أصل الأنواع" عام 1859م ، وذلك في محاولة لإظهار فكرة الأصل المشترك للكائنات وتفسير التنوع الموجود بالطبيعة.
قال داروين لأحد أصدقائه " لقد ملأت كراسات بعد كراسات بالملاحظات ودهشت للظواهر التي كانت تتجمع من تلقاء نفسها بوضوح بحيث يسهل وصفها تحت قوانين ثانوية".
وأثارت هذه النظرية ردود فعل غاضبة ومعارضة حيث جاءت نظريته معارضة مع نظرية الخلق في الكتب الدينية فثارت عليه الكنيسة، ولاقت آراؤه معارضة في الفكر الإسلامي حيث جاءت أفكاره معارضة للعقائد السماوية والتي يأتي بها أن الله سبحانه وتعالي هو الخالق لجميع الكائنات الحية المختلفة وان لكل نوع استقلاله عن غيره.