يقول الباحثون: "إلاَّ أن المسامك (مناطق صيد السمك) القريبة من الساحل بدأت في أواخر ثمانينيَّات القرن الماضي تتكشف وتنضوي على اكتشاف جدذُ غريب ومذهل، إذ تبلغ الآن كميات الأسماك التي يجنيها هؤلاء الصيَّادون أكثر من ثلاثة أضعاف النسبة التي كانت عليها قبل تشييد السد العالي."
وعلى الرغم من أنَّ السبب في تلك الزيادة والتحسُّن (أي في ارتفاع صيد الأسماك) قد يُعزى جزئيَّا إلى التطورات التي طرأت على التقنيات المستخدمة في عمليَّت الصيد والزيادة الكبيرة في عدد قوارب الصيد، إلا أن العلماء يرون أن ذلك وحده لا يمكن أن يساعد على إيجاد تفسير كامل ووافٍ لحصول مثل تلك الزيادة كلِّها.
مخلَّفات بشريَّة
ويضيف الباحثون بقولهم: "إن تقييما أٌجري مؤخرا للمصادر المحتملة للأملاح الناجمة عن مخلَّفات وفضلات البشر في مصر أشارت إلى أن تلك المصادر قد تكون أدَّت إلى أكثر وأبعد من عمليَّة استبدال السماد والأملاح التي كانت تجلبها مياه الفيضانات معها كلذَ عام."
ويردف الباحثون بالقول إنَّه، ومنذ اكتمال بناء السد العالي في أسوان، فإن عدد سكان مصر قد تضاعف أكثر من مرة، كما أن معدَّل تناول الشخص الواحد من السعرات الحرارية واستهلاك اللحوم قد ارتفع أيضا بمعدَّل أكثر من الثلث، وازداد استخدام الأسمدة أربع أضعاف."
وتقول أوتومن أوزكوفيسكي، وهي باحثة من جامعة رود أيلاند جرادجويت سكول لدراسة علوم المحيطات ونشوئها وأحد المشاركين في البحث: "هذه قصة تخبرنا حقَّا كيف أن البشر يؤثِّرون بدون قصد ومن حيث لا يدرون بالنُظُم البيئية من حولهم."
لكن المصريين لا يعتقدون أنَّ الأمر سييء. فبالنسبة لهم، يؤدِّي هذا إلى إنتاج أطنان من الأسماك التي تُطعم ملايين الجوعى
أوتومن أوزكوفيسكي، باحثة من "جامعة رود أيلاند جرادجويت سكول لدراسة علوم المحيطات ونشوئها
وتضيف بقولها: "لقد قام المصريون بتسميد الأرض، ومن ثم تسميد البحر بفضلاتهم ومخلَّفاتهم. كما توافق وتطابق ذلك أيضا مع الزيادة في عدد السكَّان والتوسُّع في أنظمة المياه والصرف الصحي."
يُذكر أن فريق الباحثين قام بجمع أكثر من 600 سمكة خلال عامي 2006 و2007 من أربع مناطق تأثَّرت بالفضلات والمخلَّفات ومن منطقتين لم تتأثرا بها.
وقد أظهرت النتائج أن الأسماك تستهلك الطحالب والعوالق والكائنات الحيَّة التي تنشأ بدورها وتترعرع في المياه الغنيَّة بمصادر الآزوت والأملاح الناجمة عن المخلَّفات والفضلات البشريَّة.
وقد قاد هذا العلماء إلى الاستنتاج بأنَّ هنالك ثمَّة علاقة بين زيادة الثروة السمكيَّة وزيادة الأملاح الناجمة عن الأنشطة البشريَّة، والتي تدخل منطقة دلتا النيل.
وتعترف أوزكوفيسكي بأنَّ النتائج التي توصَّل إليها الباحثون تختلف عن وجهة النظر التي كانت سائدة من قبل والقائلة بأن زيادة الأسمدة والأملاح الناجمة عن مياه الصرف الصحي، والتي تدخل عبر شبكات المياه، تكون مضرَّة بالأنظمة البيئية البحريَّة.
وتقول: "لقد تمَّت برمجتنا نحن في الغرب على الاعتقاد بأنَّّ زيادة الأملاح في الأنظمة البيئية البحرية والساحلية هي أمر سيء."