أكد خبراء اقتصاد أن تطبيق نظم الاقتصاد الإسلامي هو الحل للخروج من الأزمة المالية التي أرهقت العالم دون أن يجد لها حلاًّ إلى الحد الذي لم تفلح معه خطط الإنقاذ التي قامت بها العديد من الدول؛ لكونه نظامًا كاملاً ومتكاملاً ولا يوجد فيه فارق بين الفكر والتطبيق.
وأوضح الخبراء في الحلقة النقاشية التي نظَّمها نادي أعضاء هيئة تدريس جامعة القاهرة مساء أمس الأربعاء أن أسباب الأزمة تتمثل في ممارسات مادية حرّمها الإسلام؛ فالربا محرم بنص القرآن والإسلام نهى عن المتاجرة بالديون وجعل الدَّين أمرًا عظيمًا لا يدخل الجنة من ارتكبه ولو كان شهيدًا كما وضع ضوابط لمن يريد الاستدانة.
وأكد الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن النظام الرأسمالي يقوم على اليد الخفية الهادفة إلى الربح بأي وسيلة في المقام الأول، كما أن النظام الاشتراكي يقوم على اليد الباطشة، أما الاقتصاد الإسلامي فيقوم على اليد المتوضئة؛ فهو اقتصاد أخلاقي وقيمي في المقام الأول.
الغرب يعترف
وأشار إلى اعتراف المؤسسات والمنظمات الغربية بأن نحو 56 مؤسسة نقدية إسلامية في أمريكا وأوروبا كانت هي الأقل تأثرًا بالأزمة المالية إلى حدِّ أن الأزمة لم تمسَّها بالأساس، بالإضافة إلى توصيات لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ الفرنسي التي أكدت ضرورة الأخذ بنظام التمويل الإسلامي لتصويب أخطاء النظام المتبع.
وأضاف أن حجم النشاط المالي العالمي يقدَّر بـ600 تريليون دولار؛ 150 منها فقط تحت رقابة السلطات المصرفية والبنوك المركزية؛ مما وضع العالم أمام اقتصاد منفلت بصورة حادة في قطاع التمويل العقاري عن طريق الإقراض بلا ضوابط؛ الأمر الذي أدى إلى نشوب الأزمة وتفاقمها.
وتعجب د. الغزالي من موقف الحكومة المصرية من الأزمة التي أكدت في بدايتها أننا لن نتأثر بها، والآن لا تخلو تصريحاتهم من ذكر مجهودات الحكومة للخروج من الأزمة بشتى الطرق ومحاولاتها من أجل تجنيب مصر أخطار الإعصار المالي!.
وعن البعد السياسي للأزمة أكد د. الغزالي أن سياسة القطب الواحد قد انتهت بلا رجعة، ونحن نتكلم الآن عن عالم متعدد الأقطاب؛ فهناك قوى ظهرت بقوة على الساحة مثل الصين واليابان ودول في جنوب شرق آسيا.
من جانبه أشار الدكتور محمد عبد الحليم عمر مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بلغة الأرقام إلى أسباب تأثر مصر بالأزمة المالية؛ فقال إن حوالي 70% من صادراتنا موجهة إلى أمريكا وأوروبا، وعندما يحدث كساد كما هو واقع فإن الصادرات ستقل مما يزيد من عجز ميزان المدفوعات البالغة 14 مليار دولار!!.
وأضاف د. عمر أن إيرادات قناة السويس ستقلّ بشدة نتيجة قلة حركة مرور السفن فيها بسبب ضعف حركة التجارة العالمية، كما أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج المقدَّرة بـ6 مليارات جنيه ستتأثر بسبب الأزمة.
وبالنسبة للبنوك والبورصة قال د. عمر إن 143 مليار جنيه هي حجم الودائع المصرية في بنوك أمريكا وأوروبا، وستتأثر بسبب إفلاس كثير من هذه البنوك، بالإضافة إلى بدء الأجانب سحب أموالهم منها، وهي ما تمثل 37% من حجم البورصة المصرية، ووجود أسهم مصرية رائدة متداولة في بورصات عالمية.
وأكد أن فقراء المسلمين- الذين يمثلون 40% من فقراء العالم- يعتمدون على المعونات الخارجية التي ستتأثر؛ لأن الدول المانحة لن تستطيع الوفاء بتعهداتها في ظل الأزمة الراهنة.
وشدَّد د. عمر على أن الأزمة ألقت بالكرة في ملعب العرب؛ الذين عليهم الآن أن يستفيدوا منها في رفع أسهمهم على الصعيد السياسي العالمي، وخاصةً الدول النفطية التي تمتلك فائضًا ماليًّا ضخمًا؛ أغرى دولاً كثيرةً إلى الذهاب إليهم ليقدموا لهم الدعم.
المؤامرة
وأكد أسامة غيث رئيس القسم الاقتصادي بجريدة (الأهرام) أن الأصولية المسيحية الصهيونية هي التي تحكم أمريكا وتستهدف في النهاية الاستيلاء على أموال العالم فقراء وأغنياء، وشدَّد على أن الدولة شرّ ويجب إبعادها عن الاقتصاد وتمليك السوق كل شيء؛ لأنها وحدها لديها القدرة على تصحيح وتصويب الأخطاء.
وأشار غيث إلى وجود بند في خطة الإنقاذ الأمريكية يستبعد أموال ومؤسسات الأجانب منها، ووصف خطة الحكومة المصرية بروشتة اليمين الأمريكي المحافظ؛ التي لو استمرت مصر عليها فستدخل في نفق مظلم، وعلينا انتظار الكارثة؛ سواءٌ حدثت الأزمة المالية أو لم تحدث.